اللقاء الفلسفي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


 
الرئيسيةالتسجيلأحدث الصوردخول
مرحبا بكم في منتدى الفلسفة المحكمة
لكل استفساراتكم يمكنكم الاتصال بالبريد الالكتروني الخاص بالمنتدى: oranphilosophie@yahoo.fr
ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
Like/Tweet/+1
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» نصر حامد أبو زيد
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالخميس فبراير 28, 2013 5:56 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

» يوم دراسي حول الفلسفة و العلم (جدل الفلسفة و ثورة العلم)
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالسبت يناير 26, 2013 3:03 am من طرف بن يمينة كريم محمد

» الملتقى الوطني الثاني حول إشكالية التقويم و أساليبه في منظور التكوين الجامعي في ظل نظام LMD
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالأحد يناير 20, 2013 8:37 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

» منتديات قسم العلوم الإجتماعية جامعة د.مولاي الطاهر -سعيدة- شعبة الفلسفة
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالخميس يناير 03, 2013 10:09 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

» ملتقى الأدب الإصلاحي: الأفكار والأشياء 03/04 أبريل 2013 مخبر الحركة النقدية في كلية الآداب واللغات- قسم الأدب العربي: جامعة د. الطاهر مولاي: سعيدة – الجزائر
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالخميس يناير 03, 2013 10:05 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

» الملتقى الدولي الثاني حول حوارات في الدين واللغة يومي 15 و 16 أفريل 2013
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالخميس يناير 03, 2013 10:02 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

» ملتقى وطني حول المعالجة الآلية للغة العربية - واقع وآفاق - يومي 06/07 جمادى الأولى 1434 هـ الموافق 18/19 مارس 2013.
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالخميس يناير 03, 2013 10:00 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

» جائزة عبد الحميد شومان للباحثين العرب الشبان
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالأحد أكتوبر 23, 2011 11:44 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

» Colloque National :Les langues dans l’espace familial algérien
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 27, 2011 7:11 pm من طرف بن يمينة كريم محمد

Like/Tweet/+1
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 1 عُضو حالياً في هذا المنتدى :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 1 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 21 بتاريخ الإثنين يونيو 08, 2020 10:32 am
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
بن يمينة كريم محمد - 74
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_vote_rcapالخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_voting_barالخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_vote_lcap 

 

 الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن يمينة كريم محمد
Admin



عدد المساهمات : 74
تاريخ التسجيل : 08/08/2011
العمر : 56

الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا Empty
مُساهمةموضوع: الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا   الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا I_icon_minitimeالخميس أغسطس 18, 2011 5:54 pm

الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا

د. محمد المصباحي

جامعة محمد الخامس، كلية الآداب، شعبة الفلسفة

الرباط، المغرب
مقدمة :

يتكلم ابن سينا في كتاب النفس من الشفاء عن الفعل الخاص للخيال باعتباره قدرة على التشبيح والتمثيل[1]، وفي كتاب النجاة بوصفه قدرة على »حفظ ما قبله الحس المشترك [من صور] من الحواس الجزئية الخمس، وتبقى فيه بعد غيبة المحسوسات« [2]، وفي كتاب الحكمة العروضية يقول عن التخييل بأنه « انفعال، من تعجب أو تعظيم أو تهوين أو تصغير أو غمّ أو نشاط، من غير أن يكون الغرض بالمقول إيقاع اعتقاد البتة »[3]، وفي مكان آخر يصف المخيلة بالعجب لأنها تقبل المعقولات والتشكلات السماوية: فأين هي حقيقة الخيال من كل هذه التعاريف؟ هل هو قدرة محاكية أم قدرة إدراكية، ومعرفية، أم طاقة انفعالية، أم ملكة حُلمية، ورؤيوية، وميتافيزيقية؟

في الحقيقة، تعكس هذه التعاريف المختلفة للخيال تعدد أنواع أفعاله ووظائفه وقواه. ولعل تعدد نسق الحواس الداخلية الخمس (الحس المشترك، الخيال أو المصورة، المتخيلة أو المفكرة، فالوهم ثم قوة الحفظ أو الذاكرة) أسهمت في ذلك. لكن مهما تعددت قوى الحس الداخلي واختلفت أفعالها، فهي تشترك في القيام بنفس الوظيفة، وهي إحضار الصور الحسية الغائبة، بأنحاء مختلفة، وبهذا الوجه تعتبر واحدة ؛ ولكن لأن لهذا الإحضار عدة أنحاء ومعان ووظائف ومقاصد مختلفة، تصل إلى حد إحضار الصور العقلية الغائبة، فإنه يمكن اعتبار كل هذه القوى الخمس خيالية مختلفة. ونحن نرى، مستلهمين في ذلك جانبا من قسمة ابن سينا للعقل، أنه بالإمكان أن نتكلم بصفة عامة عن ثلاثة أنواع من الخيال، أو بالأحرى ثلاثة أفعال للخيال: الخيال المنفعل الحافظ، الذي يقوم بقبول رسوم المحسوسات وحفظها، ويضم المصورة أو الخيال والحفظ أو الذاكرة ؛ وخيال بالفعل يقوم بعمليتي الفصل والتركيب، ويضم التخيل أو الفكر والوهم ؛ وخيال فعّال يقوم بقبول المعرفة الميتافيزيقية وتحويلها إلى رموز وأوامر ونواهي، ويضم التخيل والخيال القدسي.

لن أتكلم عن كل الجوانب التي يثيرها ابن سينا عن الخيال، وإنما سنركز بحثنا هذا على جوانبه السيكولوجية وخصوصا تلك المتعلقة بالرؤيا والمعرفة، حيث سأتكلم، في البداية، عن الخيال بوصفه ذاكرة للصور الخيالية، لأنتقل للكلام عن الخيال بوصفه فاعلا للصور الخيالية، ثم عن ما سميته بعطالة الخيال، حيث سيصبح مجرد متلق لما يرد عليه من خارج، وأخيرا سنقف بسرعة على الدور المعرفي للخيال.
1. الخيال بوصفه ذاكرة للصور الحسية :

كما سبقت الإشارة، يتكون نظام القوى الحسية الباطنية عند ابن سينا من خمسة قوى، يقسمها مثنى مثنى اعتماداً على معيارين، أولا بحسب طبيعة فعلها هل هو الإدراك أو الحفظ ؛ وثانيا بحسب طبيعة موضوعها هل هو الصورة أو المعنى[4]. فموضوع الحس المشترك والخيال واحد، وهو الصورة، لكن الحس المشترك، يدركها والخيال أو المصورة تحفظها ؛ وموضوع الوهم والحافظة، أو الذاكرة، واحد وهو المعاني، غير أن الوهم يدركها، والحافظة أو الذاكرة تحفظها. وتبقى المفكرة التي لها فعلان غير الإدراك والحفظ، وهما التركيب والتفصيل. هكذا تكون للقوى الحسية الداخلية، في هذه المرحلة، أربعة أفعال هي : الإدراك والحفظ والفصل والتركيب، على أن ينضاف إليها فعل خامس هو الحكم.
1 . 1. الحس المشترك والخيال أو المصورة :

كما أومأنا سابقا، يميز ابن سينا بوضوح بين فعلي إدراك الصور وحفظها[5]، مما يعني أن كل قوة عليها أن تقوم فقط بفعل واحد غير الفعل الذي تقوم به غيرها، إذ يمتنع أن تقوم قوة واحدة بوظيفتين أو فعلين متقابلين في آن واحد. هكذا نجده يخص الحس المشترك (أو الفنطازيا) بقبول، أي بإدراك الصور الحسية، في حين يقوم الخيال (أو المصورة) بحفظها : « فان الحس المشترك قابل للصورة لا حافظ، والقوة الخيالية حافظة لما قبلت تلك، والسبب في ذلك أن الروح التي فيها الحس المشترك إنما تثبت فيها الصورة المأخوذة من خارج منطبعة, ما دامت النسبة المذكورة بينها وبين المبصر محفوظة أو قريبة العهد. فإذا غاب المبصر انمحت الصورة عنها، ولم تَثبُت زمانا يعتد به. وأما الروح التي فيها الخيال فإن الصورة تثبت فيها ولو بعد حين كثير, على ما سيتضح لك عن قريب »[6]. وهذا معناه أنه لا يجوز للخيال أن يدرك ما يحفظه من الصور، وإلا صار حافظا ومدركا في نفس الوقت[7]. غير أنه بالرغم من تقسيم العمل بين الحس المشترك والمصورة، فقد جعلهما ابن سينا يشكلان قوة واحدة بالموضوع, ويختلفان بالصورة[8].

ولمّا كان الخيال لا يدرك، فإنه لا يستطيع أن يحكم، إلا فيما يخص حكمه على أن صورة ما موجودة فيه أو غير موجودة، لا أنها سوداء أو طويلة أو غير ذلك، على العكس من باقي القوى الأخرى، كالحواس الظاهرة والحس المشترك والوهم والنفس العاقلة، التي تقتدر على الحكم على الصور الحسية التي تدركها أو تحفظها بأنها كذا أو غير كذا[9].

لكن عندما يتكلم ابن سينا عن المصدر الرئيسي للصور التي يخزنها الخيال، وهي الحواس الخمس عن طريق الحس المشترك، يشير إلى وظيفة أخرى هي وظيفة تجريد الصور الحسية من المادة، دون أن يشير أي القوتين تقوم بها: هل هي الحس المشترك أم المصورة. فالصور التي يحفظها الخيال مجردة عن المادة، لكنها غير مجردة عن علائق أو مقولات المادة، كالمقدار والكيف والوضع، بعد أن يكون قد جردها من المادة [10]. غير أن الخيال يخزن « أيضا أشياء ليست من المأخوذات عن الحس »[11]، كالتي ترد من القوة المفكرة، التي تصنع صورا جديدة من عناصر الصور المخزونة في القوة المصورة، والتي ترد من خارج، وهي صور لا تحتاج إلى تجريد، لأنها غير مادية وغير مرتبطة بمقولات المادة، أي أنها صور معقولة.
1. 3. الوهم والحافظة :

سبقت الإشارة إلى أنه بينما يدرك الخيال صور الأشياء الحسية، يقوم الوهم بإدراك معانيها[12]. والمعاني التي تدركها القوة الوهمية تتميز بكونها « ليست هي في ذاتها بمادية، وإن عرض لها أن تكون في مادة»[13]، ومن ثم تتميز بالفردية، وهو الأمر الذي يخالف طبيعة المعاني.

والمعاني المدرَكة من قبل القوة الوهمية لا تدركها الحواس الظاهرة أولا[14]، فالشاة لا تدرك بالحواس معنى التضاد بينها وبين الذئب، أو العنى الموجب لخوفها إياه، وهربها عنه، وإنما تدرك ذلك المعنى بالوهم أولا ثم بالحس ثانيا. ومعنى هذا، أن الوهم يقوم بفعلي الإدراك والحكم معا، بدون الاستعانة بالحواس الخارجية. وبالرغم من أن معاني القوة الوهمية المدرَكة أشد تجريداً من الصور الخيالية، فإن حكمها هو « حكم تخيلي مقرون بالجزئية وبالصور الحسية »[15]، وليس حكما تجريديا، كالحكم العقلي الذي يثبت ماهية للشيء.

أما القوة الحافظة، أو الذاكرة، فتقوم بحفظ معاني القوة الوهمية، في مقابل الخيال أو المصورة التي تحفظ الصور الحسية. ومع أن هذه المعاني غير محسوسة، فإنها موجودة في المحسوسات الجزئية[16]. ومعنى هذا أن الحافظة في نظر ابن سينا لا تحفظ المعاني العقلية أو المعقولات. ولذلك عندما كان بصدد الكلام عنها تكلم عن وجودها وإدراكها، لا عن خزنها وإدراكها، فالمعقولات لا تُخزَن في النفس بالنسبة لابن سينا، أي أن الإنسان ليس مكاناً لخزن الصور العقلية، وإنما هو مكان لخزن المعاني الخيالية .

وعندما نقوم بتحليل الفعل الخاص للتخيل، سيظهر لنا أن هذا الفعل هو في الحقيقة فعل مشترك بين قوى ثلاث هي: الحس المشترك، والمصورة أو الخيال، ثم المتخيلة أو المفكرة، أي أن هذه القوى الثلاث عندما تتحرر من خدمة الغير ومن مراقبته تعمل متضافرة فيصبح فعلها قويا.
2. الخيال بوصفه فاعلاً للصور الخيالية: المتخيلة أو المفكرة
2. 1. فعلا المتخيلة:

تقوم القوة المتخيلة، التي يتحول اسمها إلى قوة مفكرة عندما تنسب إلى النفس الإنسانية الناطقة، بفعلين متضافرين هما تركيب وتفصيل الصور المحفوظة في الخيال[17]. والفصل معناه تحليل الصور إلى عناصرها التي تتكون منها بتفكيك نظامها وعلاقاتها الداخلية الأصلية، والتركيب هو إضفاء نظام ومعنى جديد عليها. وهذا يعني أن المفكرة لا تكتفي بإعادة تركيب وربط عناصر الصور الحسية، بل وأيضا تقوم بإضفاء معاني جديدة على هذه الأخيرة[18]. والمتخيلة، من أجل خلق الصورة الجديدة، تستعير عناصرها الجزئية من الذات ومن الموضوع الموجود خارج الذات معا.

وبخلاف الحس والخيال، اللذين يقومان على مبدأ الضرورة، تستند قوة المخيلة على مبدأي الإرادة والإمكان. وهذا ما يفسر كون فعليها، التركيب والفصل، يتميزان بالإبداع، أي بحرية تركيب عدة صور ممكنة[19]. إذ بسبب ارتكازها على الإرادة والإمكان يمكن لها أن تختلق صورا وموجودات غير خاضعة لمنطق الموجودات ولمنطق العقل معاً. فإذا أضفنا إلى ذلك أن المخيلة غير قادرة على الحكم، أي على التمييز بين الحق والباطل، فسيتضح لنا أنها معرضة للخطأ والضلال[20]. ولعل هذا الجانب الإبداعي والحر للمتخيلة هو ما يقتضي تأويل متنوجاتها حتى تصير قابلة للفهم والتعقل، في مقابل الحس الذي لا يقتضي التأويل لأنه بيّن بنفسه، أي مطابق للواقع.

ولعل هذه الصفات التي تتحلى بها المخيلة هي التي دفعت ابن سينا أحيانا إلى توحيد المميزة أو المفكرة بالعقل، وذلك في رسالة تأويل الرؤيا[21]. بل لقد ذهب في الرسالة الأخيرة إلى أبعد من التوحيد، عندما اعتبر المخيلة « أشرف القوى العقلية »، و « وأحقها بأن تسمى عقلا »[22]، لا فقط بسبب قدرتها على التنظيم والتمييز في مجال المعرفة، بل وأيضا بحكم قدرتها في مجال العمل على التدبير وضبط نظام المدينة وإصلاح أحوال الناس والعمران.[23] ولعل هذه الحيثيات هي التي جعلت الشيخ الرئيس يتكلم في كتاب النجاة عن ’الخيال العقلي‘ الذي يختلف عن ’الخيال الحسي‘ الذي يملكه الحيوان.

وبالنسبة لعلاقة المخيلة بالقوى التي تحتها والتي فوقها، يذهب ابن سينا إلى أن المتخيلة تخدمها قوتان : هما القوة النزوعية، التي تأتمر بالمتخيلة باعثة إياها على الحركة؛ والقوة الخيالية التي تقدم للمتخيلة الصور الحسية المخزونة لديها[24]. في مقابل ذلك، يجعل ابن سينا المتخيلة خادمة للقوتين الوهمية والعاقلة[25]، حيث تقوم بدور الوسيط الذي ينقل الصور المخزونة في الخيال لهما لاستنباط التدابير والصناعاعت الإنسانية[26].
2. 2. المتخيلة وآلية اشتداد قوتها على التمثيل والتشبيح :

لقد سبق أن أشرنا إلى أن الخيال أو المصورة هي، عند ابن سينا، قوة سلبية انفعالية، أي أنها معَدّة لنوعين من القبول والخزن. فالخيال، من جهة أولى، يقبل ويخزن ما أدركه الحس المشترك من الصور المجردة عن المحسوسات الخارجية. وهو يفعل ذلك لا للاحتفاظ بها فقط، بل لتقديمها لقوى أخرى عملية ونظرية، كالمفكرة والعاقلة والنزوعية، لاستعمالها في أفعالها الخاصة. من أجل هذا وصفها ابن سينا تارة بالوسيط بين الحواس الخارجية والقوى العقلية المذكورة (المفكرة والعاقلة والنزوعية)، وتارة بالخادمة لها. وهذا القبول لا يطرح مشكلة نظرية كبيرة. لكن القبول الثاني، وهو قبول الصور المفارقة للمادة، أي الصور الآتية من قوى أعلى من القوى الحسية الخارجية، وهي قوتا التخيل أو الفكر من جهة، والتشكلات السماوية من جهة ثانية، يطرح مشكلة التوافق بين الفاعل والقابل، ومشكلة رؤية الصور العقلية بعين الخيال.

إن هاتين المشكلتين تقتضيان تحوّلين في القوة القابلة، التي هي الخيال، وفي الصور العقلية المقبولة، التي هي الخيالات.

فبالنسبة للخيال، لكي يستطيع أن يقبل المعقولات من العقول المفارقة، عليه أن يحصل على قوة أكبر وأن يستعين بالحس المشترك. ولا يمكن أن يحصل الخيال على قوة إضافية إلا إذا توقفت قوتا العقل والوهم عن الاهتمام بمراقبة الخيال، أو بعبارة أخرى، أن توقف العقل والقوة الوهمية عن مراقبة الخيال شرط ذاتي لتقوية أفعاله، وكأنه عند توقفها يجمع قوتيهما إلى قوته : « عند سكون القوى العقلية، أو غفول الوهم، وعند اشتغال النفس النطقية عن مراعاة الخيال والوهم … تَقوَى المصورة والمتخيلة على أفعالها الخاصة حتى تتمثل ما تورده من الصور محسوسةً »[27]. بل إنه يشترط من أجل ذلك أن تنضاف قوة الحس المشترك، التي تقوم بتحويل الصور العقلية الآتية من خارج العالم الحسي إلى أمور حسية، أي إلى صور محسوسة بالحواس الظاهرة دون أن يكون لها وجود خارجي: «… فيسمع [الرائي] ويرى ألوانا ليس لها وجود من خارج ولا أسبابها من خارج »[28].

ويسمي ابن سينا أحياناً عطالة النفس عن مراقبة الخيال بالانشغال. وتنشغل النفس إما عن الحواس الظاهرة، أو عن النفس الناطقة. فقد تنشغل عن الحواس الظاهرة، فتتوقف عن مقابلة الصور الخيالية مع الصور الحسية لإثبات مدى صدقها، عندئذ تتقوّى وتشتد الأفعال الخاصة للمخيلة على التشبيح والتمثيل وتصير أظهر فعلاً ؛ كما قد تنشغل النفس عن المفكرة، فتهمل النفس العاقلة مراقبة مدى مطابقة تمثلات وأشباح المتخيلة مع المعقولات تتفرغ المصورة والمتخيلة لأفعالهما الخاصة، إما في اتجاه استحداث خيالات الأحلام، أو في اتجاه استحداث تخيلات مرضية، أو في اتجاه تلقي صور ومعارف غيبية تهم المستقبل أو الماضي. ومن المعلوم أن النفس النطقية عندما تكون منتبهة إلى الخيال أو التخيل، فإنها تستولي عليه وعلى منتجاته من جهتين : إما بالاستفادة من صوره الخيالية في أفعالها النطقية، أو بصرف التخيل عن تخيلاته غير المنطقية، وهي التخيلات « التي لا تطابق الموجودات من خارج، فتكفّها عن ذلك استبطالاً لها، فلا تتمكن من شدة تشبيحها وتمثيلها »[29]. لكن عندما تتوقف النفس عن الاستفادة من الخيال وعن صرفه عن أفعاله « كما يكون في حال النوم، أو من جهة واحدة كما يكون عند الأمراض … أمكن التخيل حينئذ أن يقوَى، ويُقبِل على المصورة ويستعملها، ويتقوى اجتماعهما معا فتصير المصورة أظهر فعلا, فتلوح الصور التي في المصورة في الحس المشترك فتُرَى كأنها موجودة خارجا … فإذا تدارك التمييز أو العقل شيئا من ذلك وجذب القوة المتخيلة إلى نفسه بالتنبيه اضمحلت تلك الصور والخيالات »[30]. هكذا تكون غفلة النفس النطقية عن مراقبة التخيل والاستفادة منه سببا في اجتماع واتحاد أفعال ثلاث قوى: الخيال أو المصورة ، والمتخيلة أو المفكرة، ثم الحس المشترك. ولذلك فإن كلامنا عن الخيال من الآن فصاعدا لن يكون متقيدا بقوة دون أخرى، لأن ابن سينا نفسه ينتقل من الخيال أو المصورة إلى المتخيلة أو المفكرة[31]، بل وإلى الحس المشترك، بكيفية مرنة تجعل الفروق بين هذه القوى الثلاث فقط على مستوى الاصطلاح، لا على مستوى الواقع.

وفي هذا الصدد، أي آلية تقوية المخيلة أثناء النوم أو أثناء اليقظة عند بعض الناس في بعض الحالات الاسثنائية، تتفق هذه رسالة تعبير الرؤيا مع كتاب النفس من الشفاء في تحليلهما. فإذا كانت المخيلة قادرة على العمل أثناء اليقظة، فإنها في النوم تكون أقدر، أولا لأنها لا تحتاج في فعلها إلى الأعضاء، إي إلى الآلات المحركة، فلا تسكن أو تُمنَع عن الفعل بسكون هذه الآلات، أو تضعف بضعفها[32] ؛ وثانيا لأنها لا تكون منشغلة بتخزين ما يرد عليها من الحواس، أو بعرض هذا المخزون على المفكرة، أو بالخضوع لتوجيهها. وهذان العنصران هما اللذان يجعلانها « لا ترى الأشياء على حال واحدة »[33].

ويتبين مما سبق أن الصور العقلية الآتية من التشكلات السماوية يجب أن تتحول إلى صور خيالية حسية لكي يدركها الخيال، وهذا ما يسميه بالتمثيل والتشبيح، وهو الفعل الخاص للقوة الخيالية.

وقد فسر الشيخ الرئيس زيادة قوة أفعال المصورة والمتخيلة بالمبدأ الأرسطي القائل بوحدة قوى النفس وتضافر أفعالها[34]. ويقضي هذا المبدأ بأن القوى الحسية الباطنية كلها لنفس واحدة، أو قل إنها تشكل قوة واحدة موزعة على ملكات مختلفة ؛ فإن توقفت أيَّة قوة عن القيام بفعلها أو سكنت بعض السكون، فإن ذلك يؤدي إلى تقوية القوة التي تبقى يقظة وفاعلة حتى أثناء النوم.
2. 3. التباس المتخيلة (المفكرة) بالعقل :

في رسالة منسوبة لابن سينا، وهي رسالة تعبير الرؤيا، تتخذ المتخيلة وضعا خاصا مختلفا عما رأيناه في كتاب النفس من الشفاء، يتسم بالطابع الميتافيزيقي. ففي إطار جدول يعرض لأقسام القوى والأخلاط والأرواح والنفوس، تقسم النفس إلى ثلاثة مراتب : طبيعية، وحيوانية، ومدبرة أو حساسة. وتُقسِّم النفس المدبرة إلى ثلاثة قوى : محرّكة ومدركة وعقلية ؛ وتقسّم القوة العقلية إلى ثلاثة أنواع : المخيلة، والمفكرة، والحافظة. وبهذه الكيفية تدخل الحواس الداخلية الثلاث داخلة ضمن دائرة القوة العقلية، لا دائرة الحواس[35].

وتطرح هذه القسمة جملة من المسائل، منها مسألة اندراج القوة العقلية تحت النفس المدبرة أو الحساسة، وغيات قوى الحس المشترك والخيال والوهم من لائحة القوى الحسية الداخلية. ومما يلفت النظر في هذه القسمة إعلاء ابن سينا من شأن المفكرة إلى درجة جعلها تضاهي العقل، هذا إن لم تكن هي العقل نفسه. فقد اندفع بعيدا في التعبير عن عجب المخيلة على باقي القوى العقلية الأخرى، حيث رد سبب تفوقها أولا إلى أنها « أكثر هذه القوى أعمالا وأقدرها على أفعالها »[36] ؛ وثانيا إلى « أنها لا تكلّ ولا تعجَز عمّا تريد في كل وقت وكل حال عن فعلها البتة »، بخلاف قوتي الحس والفكر، اللتين تكلان بسرعة، ولا تستطيعان إدراك أشياء كثيرة في آن واحد، أو إدراك أشياء قوية أو غامضة أو بعيدة في نفس الوقت ؛ وثالثا إلى كون المخيلة « أعجب هذه القوى … وأقدرها على فعلها، لأنها تتصور الأشياء الماضية وتستحضر صورتها في أي وقت وبأي مقدار وعدد تريد، حتى يمكن أن تتخيل إنسانا أعظم من فيل ومن جبل ومن جملة العالم »[37].

وعدم حاجة المخيلة إلى البدن للقيام بأفعالها، وعدم انشغالها باستقبال الصور أو بتقديمها لغيرها، يجعلها تتصف بحرية التصرف والعمل في النوم منها في اليقظة، أي في خلق صورها والزمان الذي تتحرك فيه. ولكن ليس معنى هذا أن للمتخيلة القدرة على الاختيار في ذاتها، وإنما هي أقرب إلى الفوضى منها إلى الحرية يجعلها ، إذ « يمكن أن تتصور صورا وأفعالا ليست موجودة أصلا، كالإنسان له رؤوس كثيرة يطير إلى السماء وينزل عنها، أو يقف في النار وما أشبهها من الصور والأفعال الممتنعة الوجود. وبالجملة تتخيل وتتوهم كلما تريد، وكما تريد، وبأي مقدار وعدد تريد، وإن كان تلك الصور قد انتزعتها من المحسوسات أو عن بسائطها بأعيانها، فإذا قبلت الصور تصرفت كما أرادت. وهذه خاصية فعلها ليس لقوة ما من هذه شيء البتة »[38].

إلا أننا نكون أحيانا في حِيرة من أمر المجال الذي تجري فيه وظيفة المخيلة، لأن ابن سينا تارة يحدد هذا المجال ويميزه عن وظيفة كل من المفكرة والحافظة، وتارة أخرى يتصور هذه القوى الثلاث وكأنها قوة واحدة، فتصبح قادرة على التصور والتوهم والحفظ في نفس الوقت[39].
3. الخيال العاطل، تدخل القوى الميتافيزيقية في إحداث الرؤيا:
3. 1. الرؤيا الميتافيزيقية أثناء النوم :

في رسالة في الرؤيا، يقسم ابن سينا الرؤيا إلى أربعة أنواع، تستحضر المخيلة فيها أربعة أنواع من الصور في النوم: 1) صور ناتجة عن تغيرات مزاج الروح الحيواني من حرارة ورطوبة وبرودة، 2) وصور ناتجة عن انبعاث بقايا المحسوسات أثناء النوم، 3) وصور تركبها المفكرة من عناصر الصور المحفوظة في الخيال[40]، 4) وصور هي عبارة عن رسائل تقذفها قوة إلهية في نفس الإنسان، ضمن شروط نفسية خاصة، لتبشير الرائي أو إنذاره بما وقع في الماضي أو بما سيقع في المستقبل. ومن الواضح أن الصور الثلاث الأولى لا تحتوي على معاني باطنية لأنها صادرة عن قوى بدنية أو نفسية، كالرغبة في شيء والرهبة منه، أو وليد تغير جسماني، بينما صور الرؤى الأخيرة تنطوي على معنى باطني، لذلك فهي تحتاج إلى تأويل : فالفاعل للرؤيا « إذا أرى[41] الإنسان شيئا وصوّره له في المنام، فإنما يريه لمعنى ما، ويصوّره لفائدة ما، أما إعلاماً وتنبيهاً وإنذاراً لما يصل إليه في المستقبل من الخير والشر، إما خاصة له، أو لغيره »[42].

ولمّا كنّا قد تعرضنا للرؤى الثلاث الأولى، فإنه يتوجب علينا أن نفحص النوع الرابع. من الواضح أن هذه الرؤى هي صور لا يصورها الإنسان بمخيلته، وإنما فاعلها جوهر ميتافيزيقي. ولا يبين ابن سينا إن كانت الصور الأخيرة ذات طبيعة عقلية أو خيالية، إلا أنه يشير إلى أنها تتميز بالنظام والصدق والقابلية للتأويل[43]، مما يعني أنها ذات طبيعة عقلية. أما فاعل هذه الرؤى فقد كان ابن سينا مترددا في وصفه، فأحيانا يتكلم عن فاعل، وأحيانا أخرى عن’قوة فاعلة‘ لا عن ’فاعل‘. وبالرغم من أن اسم القوة مفهوم طبيعي ويقتضي الارتباط بالمادة وبكل لواحقها المختلفة، فإنه ينفي عن القوة الفاعلة للرؤيا الميتافيزيقية أية صفة طبيعية أو نفسية. فالقوة الفاعلة للرؤيا ليست لا صورة لمادة، ولا عرَض لموضوع، وإنما هي قوة إلهية مستقلة عن العالم الطبيعي، دون أن يمنعها هذا من أن تكون سارية في العالم الجسماني[44]. وقد وجَد ابن سينا هذه القوة مشاراً إليها في جميع الثقافات والديانات والفِرَق تحت أسماء مختلفة، فاليونان يسمونها بالفيض والعناية الإلهية، والعرب بالسكينة والملائكة والروح القدس، والفرس والعجم بنور الأنوار، ويسميها أرسطو بالعقل الفعال[45]. ومتى وُجِد لإنسان من الصفات ما تصل به إلى درجة الكمال، حيث تكون له هذه القوة حافظة ومعينة في قضاء غاياته، فإن هذا الإنسان يسمى نبيّا.

ونتساءل إذا كانت هذه الرؤى إلهية، أي واردة على الإنسان من خارج جاهزة وغير محتاجة إلى تجريد أو تركيب، فهل معنى ذلك أن الخيال بدوره توقف عن العمل أثناء النوم؟ يعترف ابن سينا بأن الرائي لها يبدو وكأنه ليس له « قدرة ولا فعل سوى أنه مستعد لرؤيتها، ومتهيئ لقبول تلك الصورة من مصوّرها »[46]. معنى هذا أن القوى الخيالية لا مدخل لها في تشكيل الصور التي يشاهدها الرائي في النوم، وهذا ما يؤكد الطابع العقلي لهذه الصور.

إن قبول الإنسان لهذه الرؤى الإلهية يطرح مشكلة عدم التوافق بين الفاعل والمتلقي، أو بين طبيعة الموضوع وطبيعة المتلقي. ذلك أن القوة التي تقبل هذا الضرب من الصور الإلهية لا يمكن أن تكون إلا نفس القوة التي تقبل الأنواع الثلاثة السابقة من الرؤى النفسية والجسمية، وهي القوة المتخيلة. والحال أن الرؤى الإلهية ذات طبيعة روحانية، الأمر الذي يفترض أن يكون قابلها من نفس الطبيعة. أننا نعتقد أن ابن سينا حل عدم التوافق هذا عندما أضفى على القوة المتخيلة، التي تسمى مفكرة، طابعا عقليا.
3. 2. رؤيا اليقظة، وتأثير التخيل في الجسم وفي القوى الطبيعية:

وضمن هذه الإشكالية، إشكالية قوة المتخيلة وانفلات سيطرة العقل والحس عليها، واستعادة فعلها الخاص بها, يطرح ابن سينا تفسيره لظاهرة النبوة والعلم بالغيب والقدرة على تفسير الأحلام. فعندما تكون القوة المتخيلة عند بعض الناس « شديدة جدا غالبة، حتى إنها لا تستولي عليها الحواس ولا تعصيها المصورة، وتكون النفس أيضا قوية لا يبطل التفاتها إلى العقل وما قبل العقل انصبابها إلى الحواس» أي عندما تكون المتخيلة متحررة من الحواس ومتحكمة في المتصورة مع قوة في النفس تجعلها تقيم التوازن بين العقل والحواس ، فإنها – أي المتخيلة – تمكّن بعض الناس من أن تكون لهم في اليقظة ما يكون لغيرهم في المنام، حيث يستطيعون إدراك المغيبات, إما بحالها أو بأمثلة لها . وقد « يتمثل لهم شبح ويتخيلون أن ما يدركونه خطاب من ذلك الشبح بألفاظ مسموعة تحفظ وتتلى، وهذه هي النبوة الخاصة بالقوة المتخيلة »[47].

هذا، وقد تبيّن لنا مما سبق أن للخيال بقواه المختلفة علاقة وطيدة بقوى الحس في الرؤيا الإلهية، حيث يصير المتخيّل مشاهدا مسموعا. إن هذه العلاقة المباشرة بين التخيل والحواس، أو بالأحرى استعمال القوة المتخيلة للقوى الحسية الخارجية دليل على ارتباط الجميع بالجسم. وبالفعل، يذهب ابن سينا مسايرا في ذلك أرسطو وجمهور الأطباء – خلافا لصدر الدين الشيرازي الذي سيجعل الخيال قوة روحية خالصة لا صلة عضوية لها بالجسم – إلى أن الخيال يحتاج إلى آلة جسمانية لكي يتخيل أو يدرك، أي لكي ترتسم الصورة الخيالية في الجسم، هذا بالرغم من أن صورته الخيالية مجردة تجريدا تاما من المادة، وأن كانت غير مجردة من العلائق المادية. وقد اعتبر ابن سينا التخيل، كالشهوة والغضب والخوف والغم والانفعال، قوى للنفس من جهة ما هي ذات بدن، بخلاف الوظائف البيولوجية الأخرى، كالنوم واليقظة والصحة، التي هي قوى للبدن من جهة ما له نفس[48]. إن هذه الصلة الذاتية بين الخيال والبدن يجعل الصورة الخيالية – ولو أنها ليست من الانفعالات التي تكون للبدن بالقصد الأول- قادرة على التأثير في البدن، فتحدث فيه استحالة في مزاجه وتغير في حرارته ورطوبته وريحه. أكثر من ذلك، قد تؤثر الصورة الخيالية قد تؤثر في الطبيعة وتحركها: « فالصورة التي في النفس هي مبدأ لما يحدث في العنصر، كما أن الصورة الصحية التي في نفس الطبيب مبدأ لما يحدث من البرء، وكذلك صورة السرير في نفس النجار…»[49]. ويذهب إلى أن المداواة بالصور الوهمية والخيالية « أبلغ مما يفعله الطبيب بآلات ووسائط » [50]. ومن الحجج التي يوردها على تأثير الصور الخيالية في البدن تخيل السقوط عند السير من أعلى الذي يفرض على النفس السير بالهوينا[51]. ويعم تأثير الصور الخيالية المادة السماوية والمادة الأرضية الجزئية، لكن بشرط أن يستحكم وجودها في النفس ويجري الاعتقاد بها[52]. بهذا النحو يستخلص ابن سينا من مبدأ تأثير الصور في البدن الخاص بالنفس إمكان تأثير النفس في بدن آخر أو في عنصر آخر، لاسيما اذا كانت نفسا[53].

وعندما يكون التخيل قادرا على ممارسة فعله الخاص لا يقف تأثيره على الحواس، بل ويمتد إلى القوى المحركة. ذلك أنه لا يمكن للحيوان أن ينبعث إلى طلب الشيء والتحرك نحوه إن لم يتخيله أو يشعر به أو ينجذب نحوه. لكن ليس معنى ذلك أن هناك علاقة سببية بين الشوق والقوى المدركة، فهذه الأخيرة تدرك وتحكم، لكنها لا تستطيع أن تحرك إلا إذا ساندها الشوق، فقد يتخيل الإنسان الطعام فيشتاقه وقت الجوع، فإذا كان وقت الشبع لا يشتاقه، كما قد يتخيل الإنسان اللذات المستكرهة ولا يشتاقها إذا كان حسَن الأخلاق، بينما يشتاقها مَن كان سيئها[54]. لكن التخيل قد يكون حاكما وباعثا للقوة الإجماعية[55]، ولكن ذلك لا يتم إلا عن طريق الوهمية، بخلاف العقل العملي والشهوة والغضب التي هي قوى باعثة على الحركة مباشرة.
4. الدور المعرفي للخيال :

بخلاف الأدوار الفعالة التي يلعبها الخيال، بمعناه العام، على صعيد المحسوسات والمعرفة الغيبية، فإنه لا يلعب في المعرفة النظرية سوى دور ثانوي، دور تمكين القوة العقلية من مطالعة الجزئيات فيه، وإعداد النفس لكي تقبل المعاني المجردة التي تفيض عليها من العقل الفعال. هكذا يبدو أن الصور الخيالية لا تنتقل هي نفسها من التخيل إلى العقل منا، أي أنها لا تنطوي على معنى مجردا مغمورا في العلائق المادية، بل إن وظيفتها تنحصر في إتاحة الفرصة للعقل البشري لمطالعة الجزئيات المحفوظة فيه، هذه المطالعة التي تُعدّ النفس لاستقبال الفيض من العقل الفعال. نعم، يعترف ابن سينا أن الخيالات معقولات بالقوة، وأنها تصير معقولات بالفعل، لكن « لا أنفسها، بل ما يلتقط عنها، بل كما أن الأثر المتأدي بواسطة الضوء من الصور المحسوسة ليس هو نفس تلك الصور، بل شئ آخر مناسب لها يتولد بتوسط الضوء في القابل المقابل، كذلك النفس الناطقة إذا طالعت تلك الصور الخيالية واتصل بها نور العقل الفعال ضربا من الاتصال استعدت لأن تحدث فيها من ضوء العقل الفعال مجردات تلك الصور عن الشوائب »[56]. هكذا يكون ابن سينا قد حرم النفس العاقلة من القيام بدور تجريد الصور الخيالية لتصير صورا عقلية، وأوكل هذه المهمة إلى العقل الفعال، أي أنه حرم العقل البشري من فعل إنتاج المعقولات، وجعله يقوم فقط بقبولها.

وإذا كان تصور الأمور العقلية هو كمال للنفس الناطقة لأنه نظر إلى فوق، فإن تصور الأمور المتخيلة «هو رجوع من النفس إلى خزائن المحسوسات » وبهذا كان التصور الخيالي نظر إلى أسفل[57]. لكن، وكما رأينا ذلك فيما سبق، يمكن للمتخيلة القوية جدا أن تتجه إلى فوق فتفيض عليها بعض الأفعال المنسوبة إلى الروح القدسية « فتحاكيها المتخيلة أيضا بأمثلة محسوسة ومسموعة من الكلام على النحو الذي سلفت الإشارة إليه »[58].

لقد كاد ابن سينا أن يقدم لنا نظرية للخيال الفعال عندما كان بصدد وصف فعله الخاص، ولكنه لم يصل إلى المستوى الذي يرضي به طموح أحد المتأثرين به صدر الدين الشيرازي الذي سيحرر الخيال من كل علاقة بالمادة الجسمية.

***

هكذا يتبين أن مجال الخيال واسع، يبدأ من حفظ وإحضار الصور الحسية الغائبة، إلى تركيب وخلق صور جديدة انطلاقا من تفكيك صور قديمة، إلى قبول وإحضار صور عقلية غائبة، أي لا تهم الحاضر، وإنما المستقبل.

نعم، لم يتكلم ابن سينا، كما سيفعل ابن باجة، عن علاقة الخيال بالذات الإنسانية، لأن الخيال لا يدرك ولا يحكم على المعاني النظرية، ولكن لا تخلو نصوص أبي عليّ من الإشارة إلى إمكانية قبول الخيال للصور العقلية وإدراكه لها، لكن فقط ثي ثلاثة أحوال: في أحلام النوم، وفي الرؤى والنبوءات، وبالنسبة لإدراك الأجرام السماوية لمبادئها العقلية.

اللحظة السينوية هي لحظة التحليل الميتافيزيقي للخيال. فإذا كان الفارابي قد قرأ القوة النفسية المعروضة في كتاب النفس لأرسطو من خلال كتاب الشعر، فإن ابن سينا قرأها من خلال كتابي النفس والحس والمحسوس. لقد أبى ابن سينا إلا أن يربط الخيال بالجسم الداخلي ربطاً وظيفيا تأثراً وتأثيراً. إن تحليلاته المتصلة بقدرة الخيال على التأثير في البدن الخاص بالنفس المتخيلة، وفي أعضائه وأحواله الصحية والمرضية، وفي أبدان الآخرين، وفي العناصر والحوادث الطبيعية من نار وريح وشتاء وغير ذلك، تجعل منه قوة فعالة. وهذا ما سمح باستعماله أداة فعالة في الطب وفي تعبير الرؤيا وفي توجيه الناس إلى الأعمال أو الأقوال أو صدهم عنها الخ.

لكن الخيال إذا كان قد بدا فعالا على مستوى الرؤى والإدراكات والأفعال الخارقة، التي تبيح تواصلا بين المادة والنفس، فانه على مستوى المعرفة النظرية بدا منفعلاً لا ينطوي في جوفه على نواة المعقولات، وإنما هو مجرد مناسبة للنفس العاقلة للمطالعة، مما اثر على نسبة إسهام الإنسان في المعرفة العقلية .
[1] . ابن سينا، النفس –الشفاء، ص 153.

[2] . انظر ابن سينا، النجاة، تحقيق تحقيق ماجد فخري، بيروت، 1985، ص 202.

[3] . ابن سينا، كتاب المجموع أو الحكمة العروضية في كتاب معاني الشعر، تحقيق وشرح، محمد سليم سالم، القاهرة، 1979. ص 15؛ وعن علاقة المتخيل بالصدق يقول : »المتخيلات هي مقدمات ليست تقال ليصدق بها، بل لتخيل شيئا آخر، على أنه شيء آخر، وعلى سبيل المحاكاة، ويتبعه في الأكثر تنفير للنفس عن شيء، أو ترغيبها فيه، وبالجملة قبض أو بسط، مثل تشبيهنا العسل بالمرة فينفر عنه الطبع، وكتشبيهنا التهور بالشجاعة أو الجبن بالاحتياط، فيرغب فيه الطبع«، النجاة، تحقيق ماجد فخري، ص 101، انظر تحقيق محمد تقي دانش بزوه، تهران، 1364، ص 121؛ ويعرف المخيل بقوله »والمخيل هو الكلام الذي تذعن له النفس فتنبسط عن أمور وتنقبض عن أمور من غير روية وفكر واختبار، وبالجملة تنفعل له انفعالا نفسانيا غير فكري، سواء كان القول مصدقا به أو غير مصدق، فإن كونه مصدقا به غير كونه مخيلا أو غير مخيل«، ابن سينا، الشفاء-الشعر، تح. عبد الرحمن بدوي، قم، 1404، ص 24.

[4] . عن الفرق بين الصورة والمعنى انظر، ابن سينا، النجاة، تح. محمد تقي دانش بزوه، طهران، 1364؟، ص 327.

[5] . عن التمييز بين قوتي الإدراك والحفظ يقول : ” واعلم أن القبول بقوة غير القوة التي بها الحفظ، فاعتبر ذلك في الماء، فإن له قوة قبول النقش، وليس له قوة حفظه” نفسه، ص 329 ؛ « والحس المشترك والخيال كأنهما قوة واحدة، وكأنهما لا يختلفان في الموضوع، بل في الصورة، وذلك أنه ليس أن يقبل هو أن يحفظ، فصورة المحسوس تحفظها القوة التي تسمى المصورة والخيال، » الشفاء -النفس، تح. ج.ش. قنواتي و س. زايد، القاهرة 1975، ص 147: 4-13.

[6] . نفسه، ص 132.

[7]. ابن سينا، الشفاء-النفس، ص 151. وبهذا تختلف القوى الخيالية عن القوة الناطقة، ذلك أنه إذا كان من المستحيل التوحيد بين وجود الصور وإدراكها في إحدى قوى الحس الباطني، فإن « وجود الصورة المعقولة في النفس هو نفس إدراكها لها » الشفاء-النفس، ص 218 ؛ ويفرق بين الحس المشترك والخيال قائلا : « فمن القوى المدركة الباطنة الحيوانية قوة بنطاسيا، وهي الحس المشترك، وهي قوة مرتبة في التجويف الأول من الدماغ، تقبل بذاتها جميع الصور المنطبعة في الحواس الخمس المتأدية اليه. ثم الخيال والمصورة وهي قوة مرتبة أيضا في آخر التجويف المقدم من الدماغ، تحفظ ما قبله الحس المشترك من الحواس الجزئية الخمس، ويبقي فيه بعد غيبة تلك المحسوسات» الشفاء -النفس، ص 35-36 ؛ ونشير إلى أن صدر الدين الشيرازي كان يعتبر الخيال لا أحد أدوات الحفظ وحسب، ولكن أيضا أحد أدوات الإدراك، معتبرا إدراكه مطابقا تماما للعالم الخاص به. وتجدر الإشارة إلى أن ابن سينا كان يميز أحيانا بين الاستحفاظ والاستثبات، ويخص المصورة بحفظ الصور المركبة لا باستثباتها.

[8] . الشفاء-النفس، ص 147.

[9]. عن عدم قدرة الخيال على الحكم في مقابل الحس المشترك يقول : « وليس إليها حكم البتة، بل حفظ. وأما الحس المشترك والحواس الظاهرة فإنها تحكم بجهة ما أو بحكم ما، فيقال إن هذا المتحرك اسود وأن هذا الأحمر حامض، وهذا الحافظ لا يحكم به على شئ من الموجود الا على ما في ذاته بأن فيه صورة كذا. نفسه، ص 147 ؛ ويقول أيضا: « إن القوة المصورة، التي هي الخيال، هي آخر ما تستقر فيه صور المحسوسات، وأن وجهها إلى المحسوسات هو الحس المشترك، وأن الحس المشترك يؤدي إلى القوة المصورة على سبيل استخزان ما تؤديه إليه الحواس فتخزنه. وقد تخزن القوة المصورة أيضا أشياء ليست من المأخوذات عن الحس، فان القوة المفكرة قد تتصرف على الصور التي في القوة المصورة بالتركيب والتحليل لأنها موضوعات لها. فإذا ركبت صورة منها أو فصلتها، أمكن أن تستحفظها فيها، لأنها ليست خزانة لهذه الصورة من جهة ما هذه الصورة منسوبة إلى شئ وواردة من داخل أو خارج، بل إنما هي خزانة لها لأنها هذه الصورة بهذا النحو من التجريد، فلو كانت هذه الصورة على نحو ما فيها من التركيب والتفصيل ترد من خارج لكانت هذه القوة تستثبتها.»، الشفاء -النفس، ص 151 ؛ انظر أيضا 216.

[10]. ” فخزانة مدرك الحس هي القوة الخيالية، وموضعها مقدم الدماغ” نفسه، ص 148 ؛ يقول عن الوظيفة الحفظية للخيال ” فإذا عُلم أن الأشياء المدركة إما مدركة لجزئيات كالحواس الظاهرة، وهي خمسة، وإدراكها الصور مع المواد ؛ أو مدركة متصورة بغير مواد، كخزانة الحواس المسمى بالخيال » ابن سينا، إثبات النبوات، تح. ميشال مرمورة، بيروت، دار النهار، ‍‍1968، ص 60. ؛ عن التجريد من المادة ومن علائق المادة يقول : عن تجريد الخيال للصور تجريدا تاما عن المادة، وعدم تجريده عن لواحق المادة يقول « وأما الخيال والتخيل فانه يبرئ الصورة المنزوعة عن المادة تبرئة اشد، وذلك لأنه يأخذها عن المادة بحيث لا تحتاج في وجودها فيه إلى وجود مادتها. لأن المادة وإن غابت عن الحس أو بطلت، فان الصورة تكون ثابثة الوجود في الخيال، فيكون أخذه إياها قاصما للعلاقة بينها وبين المادة قصما تاما. إلا أن الخيال لا يكون قد جردها عن اللواحق المادية، فالحس لم يجردها عن المادة تجريدا تاما ولا جردها عن لواحق المادة. وأما الخيال فانه قد جردها عن المادة تجريدا تاما، ولكن لم يجردها البتة عن لواحق المادة، لان الصورة التي في الخيال هي على حسب الصورة المحسوسة، وعلى تقدير ما وتكييف ما ووضع ما. وليس يمكن في الخيال البتة أن تتخيل صورة هي بحال يمكن أن يشترك فيها جميع أشخاص ذلك النوع، فإن الإنسان المتخيل يكون كواحد من الناس، ويجوز أن يكون ناس موجودين ومتخيلين ليسوا على نحو ما يتخيل خيال ذلك الإنسان »، الشفاء -النفس، ص 51-52؛ انظر ص 167؛ انظر 170، 175.

[11] . الشفاء-النفس، ص 151: 8-9.

[12] . يفرق بين إدراك كل من الحس والخيال والوهم قائلا : « وأما القوى المدركة من باطن فبعضها قوى تدرك صور المحسوسات، وبعضها تدرك معاني المحسوسات … والفرق بين إدراك الصورة وإدراك المعنى، أن الصورة هو الشيء الذي يدركه الحس الباطن والحس الظاهر معا. لكن الحس الظاهر يدركه أولا ويؤديه إلى الحس الباطن مثل إدراك الشاة لصورة الذئب، اعني لشكله وهيئته ولونه، فان الحس الباطن من الشاة يدركها، لكن إنما يدركها أولا حسها الظاهر. وأما المعنى فهو الشيء الذي تدركه النفس من المحسوس من غير أن يدركه الحس الظاهر أولا، مثل إدراك الشاة للمعنى المضاد في الذئب أو للمعنى الموجب لخوفها إياه، وهربها عنه من غير أن يدرك الحس ذلك البتة » الشفاء -النفس، ص 35 ؛ كما يقول « وقد جرت العادة بأن يسمى مدرك الحس صورة ومدرَك الوهم معنى » الشفاء-النفس 148-149.

[13] . نفسه، ص 51-52.

[14]. نفسه، ص 51-52.

[15]. « ثم إنا قد نحكم في المحسوسات بمعان لا نحسها … فإذن القوة التي بها تدرك قوة أخرى ولنسم الوهم … وفي الإنسان للوهم أحكام خاصة، من جملتها حمله النفس على أن تمنع وجود أشياء لا تتخيل ولا ترتسم فيه ويأبى التصديق بها. فهذه القوة لا محالة موجودة فينا، وهي الرئيسة الحاكمة في الحيوان حكما ليس فصلا كالحكم العقل، ولكن حكما تخيليا مقرونا بالجزئية وبالصور الحسية، وعنها تصدر اكثر الأفعال الحيوانية » الشفاء -النفس، ص 147-148 ؛ نفسه، ص 147-148 ؛ وفي مكان آخر يفرق بين حكم الوهم وحكم العقل بقوله : « وقوة حاكمة عليها حكما غير واجب، وهو الوهم ؛ وقوة حاكمة حكما واجبا، وهو العقل…“ إثبات النبوات، تح. ميشال مرمورة، بيروت، دار النهار، ‍‍1968، ص 60؛ ويصف الوهم بقوله : « ثم القوة الوهمية، وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني غير المحسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية, كالقوة الموجودة في الشاة الحاكمة بأن هذا الذئب مهروب عنه وان هذا الولد/ هو المعطوف عليه. ويشبه أن تكون هي أيضا المتصرفة في المتخيلات تركيبا وتفصيلا.» نفسه، ص 36-37.

[16] . ويفرق بين خزانة الصور وخزانة المعاني قائلا : « ولكل واحد منها خزانة : فخزانة مدرَك الحس هي القوة الخيالية، وموضعها مقدم الدماغ، فلذلك إذا حدثت هناك آفة فسد هذا الباب من التصور، إما بأن تتخيل صورا ليست أو يصعب استثبات الموجود فيها. وخزانة مدرَك الوهم هي التي تسمى الحافظة … وهذه القوة تسمى أيضا متذكرة » الشفاء -النفس، ص 148-149 ؛ انظر أيضا الشفاء-النفس، ص 36-37.

[17] . عن فعلي المتخيلة واسميها بالقياس إلى الإنسان والحيوان يقول : « ثم قد نعلم يقينا أنه في طبيعتنا أن نركب المحسوسات بعضها إلى بعض، وأن نَفْصل بعضها عن بعض، لا على الصورة التي وجدناها عليها من خارج، ولا مع تصديق بوجود شئ منها أو لا وجوده، فيجب أن تكون فينا قوة نفعل ذلك بها، وهذه هي التي تسمى، إذا استعملها العقل مفكرة، وإذا استعملتها قوة حيوانية متخيلة » الشفاء -النفس، ص 147: 14-18.

[18] . عن كون المخيلة تضفي معاني جديدة على الصور التي تركبها، انظر ؟

[19]. نفسه، ص 147: 14-18.

[20] .

[21] . عن توحيده بين المميزة والعقل انظر شرحه على كتاب النفس، ص ؟ ؛ ورسالة ، تأويل الرؤيا، تحقيق محمد عبد المعيد خان، ضمن Avicenna Commemoration Volume, Calcuta, 1956، ص ؟

[22] . ؟

[23]. ابن سينا، انظر النفس –الشفاء، ص 275-278.

[24]. « ثم المتخيلة تخدمها قوتان مختلفتا المأخذين : فالقوة النزوعية تخدمها بالائتمار لأنها تبعثها على التحريك نوعا من البعث، والقوة الخيالية تخدمها بعرضها الصور المخزونة فيها المهيأة لقبول التركيب والتفصيل، ثم هذان رئيسان لطائفتين، أما القوة الخيالية فتخدمها فنطاسيا، وفنطاسيا تخدمها الحواس الخمس» الشفاء -النفس، ص 41.

[25]. يقول عن خدمة التخيل للوهم : « والقوة المتخيلة خادمة للوهمية مؤدية ما في الخيال إليها، إلا أن ذلك لا يثبت بالفعل في القوة المتوهمة… والدليل على صحة القول بان حصول هذه الصورة في الوهم غير حصولها في الخيال، أن الخيال كالخازن، وليست الصورة التي فيه متخيلة للنفس بالفعل دائما، وإلا لكان يجب أن نتخيل معا صوراً كثيرة أي صورة كانت في الخيال، ولا هذه الصور أيضا في الخيال على سبيل ما بالقوة، وإلا لكان يحتاج إلى أن تسترجع بالحس الخارج مرة أخرى، بل هي مخزونة فيه، والوهم بتوسط المفكرة أو المتخيلة يعرضها على النفس وعندنذ يقف تأدي الصورة المحسوسة… » الشفاء -النفس ، ص 132-133.

[26]. نفسه، ص 37.

[27] . النفس –الشفاء، ص 153.

[28]. نفسه، ص 151.

[29] . نفسه، ص 153-154./ تجب المراجعة لحذف الصفحة الزائدة.

[30] . نفسه، ص 153-154.

[31] . عن توحيده بين الخيال والتخيل يقول مثلا « وأما الخيال والتخيل فانه يبرئ الصورة المنزوعة عن المادة تبرئة اشد »، الشفاء -النفس، ص 51 ؛ كما يقول : « لكن إمساك ما تدركه هذه هو للقوة التي تسمى خيالا، وتسمى مصورة وتسمى متخيلة، وربما فُرِّق بين الخيال والمتخيلة بحسب الاصطلاح، ونحن ممن يفصل ذلك » الشفاء -النفس، ص 147: 4-13.

[32] . نفسه، ص 282-283.

[33] . نفسه، ص 283.

[34] . عن كون القوى الحسية الداخلية كلها لنفس واحدة، وأن اشتغالها ببعض هذه يصرفها عن إعانة القوى الأخرى، انظر الشفاء -النفس، ص 152.

[35] . عن الصفات التي تشترك فيها القوى الثلاث وانتمائها لقوة العقل يقول: « فقد بان إذاً أن هذه القوى العقلية الثلاث، أعني الخيالية والفكرية والحافظة، كل واحدة منها تعمل أعمالها في النوم، وإنما ذلك كذلك لأنها ليست محتاجة إلى النوم والسكون، أو هي تعجز وتضعف عن أفعالها دائمة فتعيا وتكل كالأعضاء الحيوانية على دوام الاستعمال فتحتاج إلى السكون والدعة، أو شيء يمنعها عن الأفعال من داخل أو من خارج، لأن القوى العقلية لا تعمل بالآلات الجسمانية البتة » 298.

[36] . ابن سينا، تأويل الرؤيا، ص 278-279.

[37] . نفسه، ص 278-279.

[38] . نفسه، ص 278-279.

[39] . انظر تأويل الرؤيا، ص 282-283؛ ويقول بصدد الرؤى الإلهية : « ليس الرؤيا للقوة الخيالية من القوى العقلية خاصة فقط، بل تعمل القوة المفكرة والقوة الحافظة فيها أعمالها. فإن الإنسان إذا رأى صورة شيء في النوم فليس لأن تلك الصورة قد ظهرت في القوة الخيالية فحسب، ولكن القوة الخيالية تؤدي تلك الصورة إلى القوة المفكرة حتى تفكر في أمرها وتقف على أن تلك الصورة ما هي وتعرف خيرها من شرها ونفعها من ضررها, كالإنسان الذي يرى في النوم أن الأسد والحيوان المؤذي قصده، فإن المفكرة تميز…» 296 ؛ ويقول عن إسهام الحافظة : « وكذلك القوة الحافظة تفعل فعلها في النوم كما هي في اليقظة، فإن القوة الخيالية إذا رأت صورة في النوم فالقوة الخيالية تحفظها وتبقى فيها إلى أن ينتبه الإنسان، وتلك الصورة محفوظة قبل النوم إلى القوة الخيالية من الأحوال الماضية، كما يسأل الإنسان الذي يرى الرؤيا إنسانا آخر عن شيء مضى فيخبر كما حفظه/ في اليقظة. وبالجملة تعمل القوة الحافظة في النوم من عرفان الأشياء وإدراكها للقوة الخيالية كما هي تعمل في اليقظة في تحفظ ما أدت القوة الخيالية إليها بتوسط المفكرة، ومرة يعيد عليها ما قد حفظته وتذكرها لها.» 296-297.

[40] . نفسه، ص 284-285.

[41] . في التحقيق ’رأى‘ و’صَوّر‘.

[42] . نفسه، ص 288-289.

[43] . عن ملابسات تأويل الرؤيا الميتافيزيقية، انظر بحثنا « ابن سينا: الرؤى الطبيعية والغيبية بين المخيلة والعقل »، ضمن التقليد والتجديد في الفكر العلمي، الدار البيضاء، كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2003.

[44] . ”هذه القوة ليست طبيعية ولا نفسانية، لأن وجودها ليس في موضوع، ولا في مادة البتة، ولا تفعل أفعالها بتوسط جسم، فإن الإنسان إذا رأى شيئا في المنام فلا يكون هناك جسم يريه الرؤيا.. وهذه قوة إلهية، لا على أنها إله أو شيء من الإله تعالى عن ذلك، بل على المعنى الذي يقال أنها فعل صار عنه، وأنها قوة مجردة عن المادة، وإن كان وجودها في هذا العالم الجسماني فليس كوجود صورة في موضوع أو عرض محمول في ذات، فيكون وجود تلك الصورة أو العرض بالفعل إذا كان محمولا لذلك الموضوع على ذلك النحو، لكن وجود تلك القوة في هذا العالم الجسماني بالفعل، أي أن أفعالها تظهر في هذا العالم وتوجد فيه، وإن كان وجودها قبل وجود العالم. وهي، أعني تلك القوة الإلهية، سارية في جملة العالم نافذة في جميع أجزائها بالسوية كالشعاع والضوء المنبث في الهواء، لا على سبيل أن ذلك الضوء صورة أو عرض في الهواء، ولا يكون له وجود وقوام بذاته دون الهواء، بل وجوده مستقل بذاته دون الهواء، وإن كان ساريا في جميع أجزاء الهواء.“ 290-291.

[45] . انظر نفسه، ص 291-292.

[46] . نفسه، ص ‌‌‌287.

[47]. النفس- الشفاء، 154 ؛ انظر أيضا ص 27، 157-158.

[48] . نفسه، ص 175.

[49] . نفسه، ، ص 176.

[50] . نفسه، ص 176.

[51]. نفسه، 177.

[52] . نفسه، ن. ص.

[53] . ن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://oranphilosophie.forumalgerie.net
 
الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الخيال بين الحسي والقدسي عند ابن سينا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
اللقاء الفلسفي :: الأروقة الفلسفية :: نصوص منتقاة-
انتقل الى: